

إليك بحثًا متكاملًا حول شاعر الرسول ﷺ حسان بن ثابت الأنصاري، مقسمًا إلى فقرات متسلسلة، ويزيد عن صفحة واحدة، مع رابط مختصر للمصدر في نهاية البحث.
يُعدّ حسان بن ثابت رضي الله عنه أحد أبرز شعراء العرب في الجاهلية والإسلام، ولقّب بـ"شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم" لما خصّه به النبي من مكانة ودور مهم في الدفاع عن الإسلام والمسلمين بلسانه وشعره. كانت قصائده سهامًا موجهة ضد المشركين وأعداء الإسلام، فجمع بين الموهبة الشعرية والدفاع العقائدي.
حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، ينتمي إلى قبيلة الخزرج إحدى قبائل الأوس والخزرج التي سكنت يثرب (المدينة المنورة). وُلد في المدينة قبل مولد النبي محمد ﷺ بنحو ثماني سنوات، وعاش في بيئة عربية أصيلة تجيد الشعر والفصاحة، مما ساعد على صقل موهبته منذ صغره.
كان حسان شاعرًا معروفًا في الجاهلية، وكان من أبرز شعراء الغزل والمدح والهجاء. مدح الغساسنة والمناذرة، وكان له حضور في بلاط ملوك الحيرة وغسان، الأمر الذي جلب له الهبات والعطايا. وقد عُرف بقدرته الفائقة على هجاء الخصوم ومنافسيه دون أن يُجارى.
أسلم حسان بن ثابت بعد هجرة النبي إلى المدينة، وكرّس شعره للدفاع عن الإسلام والردّ على شعراء قريش الذين كانوا يهجون النبي ﷺ، مثل كعب بن الأشرف وأبي سفيان قبل إسلامه. وقد قال النبي ﷺ فيه:
"اهجهم (أي المشركين) وروح القدس يؤيدك" – رواه البخاري.
وكان النبي ﷺ يُقدّره ويجلسه في المسجد لينشِد أشعاره في الدفاع عن الإسلام، ما يدل على أهمية الكلمة والشعر في العصر النبوي كوسيلة إعلامية فعالة.
كان حسان من أبرز من ردّ على شعراء المشركين الذين هجوا الإسلام، مثل عبد الله بن الزبعرى وضرار بن الخطاب، بأسلوب لاذع وعميق التأثير. وتميّز شعره في الإسلام بجزالة اللفظ، وقوة الحجة، والقدرة على دمج المعاني الدينية بالقيم القبلية والعربية.
من أجمل ما قال حسان في مدح النبي ﷺ:
وأحسنُ منك لم ترَ قطّ عيني
وأجملُ منك لم تلدِ النساءُ
خُلقتَ مبرّأً من كلّ عيبٍ
كأنك قد خُلقت كما تشاءُ
وهذه الأبيات تعتبر من أعذب ما قيل في مدح النبي، وقد ظلّت محفوظة في الذاكرة الإسلامية حتى اليوم.
توفي حسان بن ثابت في المدينة المنورة في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقيل إنه عاش أكثر من 120 عامًا، قضى جلّها في الشعر والجهاد بالكلمة. ولا يزال ديوانه الشعري من أهم مصادر الأدب الإسلامي في عصر صدر الإسلام.
حسان بن ثابت شخصية فريدة في التاريخ الإسلامي، جمع بين الموهبة والشجاعة الأدبية، وكان لسان الدفاع عن الإسلام في وجه خصومه. وقد خلدت أشعاره في كتب الأدب والسير، فاستحق بجدارة لقب "شاعر الرسول ﷺ".
0تعليقات